قوله تعالى:{وما كان لله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم 115 إن الله له ملك السموات والأرض يحي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير} .
جاء في سبب نزول الآية أن قوما كانوا على الأمر الأول من استقبال بيت المقدس قبل التحول إلى الكعبة .وعلى شرب الخمر قبل تحريهما ،فسأل قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نسخ ذلك فنزلت الآية .
وقيل: أسلم قوم من الأعراب فعملوا بما شاهدوا الرسول يفعله من الصلاة إلى بيت المقدس وصيام الأيام البيض ،ثم قدموا عليه فوجوده يصلي إلى الكعبة ويصوم رمضان .فقالوا: يا رسول اله دنا بعدك بالضلال ؛إنك على أمر ،وإنا على غيره .فنزت الآية .
وقيل: خاف بعض المؤمنين من الاستغفار للمشركين دون إذن من الله ،فنزلت الآية مؤنسة .وقال الزمخشري: يعني ما أمر الله باتقائه واجتنابه كالاستغفار للمشركين وغيره مما نهي عنه ،ويبين أنه محظور ولا يؤاخذ به عباده الذين هداهم للإسلام ولا يمسهم ضلالا ولا يخذلهم إلا إذا أقدموا عليه بعد بيان حظره عليهم وعلمه بأنه واجب الاتقاء والاجتناب .وأما قبل العلم والبيان: فلا سبيل عليهم ؛كما لا يؤاخذون بشرب الخمر ،ولا ببيع الصاع بالصاعين قبل التحريم .
فالآية تفيد أنه ليس من لطف الله أن يذم المؤمنين أو يؤاخذهم باستغفارهم للمشركين قبل أن يبين لهم أن ذلك غير جائز .ولكن الله جل وعلا إنما يذم من استغفر للمشركين بعد التبيين .
قوله:{حتى يبين لهم ما يتقون} أي يبين لهم بالوحي ما يجب اتقاؤه من المناهي والمحظورات .
قوله:{إن الله بكل شيء عليم} الله عليم بجميع الأشياء ،ومن جملة ذلك حاجة المؤمنين إلى البيان ؛فيبين الله لهم .وهو كذلك عليم بصلاح قلوب المؤمنين المستغفرين للمشركين قبل نزول النهي عن ذلك .