قوله تعالى:{أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعلمون} أم منقطعة بمعنى بل وهو حرف إضراب لأجل الانتقال من كلام إلى كلام آخر .والهمزة للاستفهام والتوبيخ ،على وجود الحسبان .والمعنى: أنكم لا تتركون على ما انتم عليه حتى يستبين المخلصون منكم وهم الأتقياء الذين أخلصوا دينهم لله وحده والذين جاهدوا في سبيله ،ومن اجل مرضاته ولم يتخذوا من دون الله ورسوله ولا من دون المؤمنين{وليجة} من الولوج .فالداخل الذي يكون في القوم وليس منه فهو وليجة .فالوليجة فعلية من ولج كالدخيلة من دخل{[1736]} .
والمراد بها هنا البطانة من المشركين ؛أي كيف تتخذون أنفسكم بطانة من هؤلاء الكافرين الماكرين الذين يتربصون بكم الدوائر ويودون لو يقض عليكم فتبيدوا ؟!فغنه لا يفعل ذلك إلا كل مغفل مغرور أو منافق مرتاب يروق له من الخلة مصاحبة المشركين فيبوح لهم بما لديه من أسرار المسلمين .والله سبحانه مطلع على الخفايا ،عالم بنيات هؤلاء القوم وأعمالهم لا يخفى عليه من شيء وهو قوله:{والله خبير بما تعملون}{[1737]} .