قوله تعالى:{وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم}{المعذرون} ،بالتشديد ،في قراءة الجمهور .وفي تأوليه وجهان .أحدهما: أن يكون أصله المعتذرين ،وهو جمع معتذر ،وقد أدغمت التاء في الذال .وهو المحق الذي له عذر .
ثانيهما: أن يكون المعذر ،بالتشديد ،غير محق ؛لأنه ليس له عذر ،أو هو الذي يعتذر بغي عذر .وعلى هذا فالمعذرون مبطلون ؛لأنهم اصطنعوا أعذرا لا أصل لها ؛فيكون المعنى: أن هؤلاء الأعراب{[1868]} جاءوا بأعذارهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محقين أو مبطلين –على الوجهين السابقين- لكي يأذن لهم الرسول صلى الله عليه وسلم في القعود والتخلف عن القتال{وقعد الذين كذبوا الله ورسوله} وهذه طائفة أخرى قعدوا عن الجهاد من غير أن يعتذروا ،وهم منافقون من الأعراب قد كذبوا على الله ورسوله واعتذروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالباطل .
قوله:{سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم} وهذا وعيد من الله للمنافقين الجاحدين الذين تخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اصطنعوه من كاذب الأعذار .أو الذين قعدوا عن الجهاد دون اعتذار .لقد توعدهم الله جميعا بأليم العذاب في هذه الدنيا ،بافتضاحهم وإيقاعهم في الخزي والذل .وكذلك في النار وبئس المصير والقرار{[1869]} .