قوله تعالى:{ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم 98 ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم} نزلت في الأعراب كانوا يعدون ما يؤخذ منهم من الصادقات أو الزكاة أو غير ذلك من نفقه في سبيل الله –مغرما .وهو الغرم أي الخسارة .وكذلك كانوا يعتقدون أن ما ينفقونه في الجهاد أو غيره من وجوه الخير خسرا أو غرامة وهي ما يلزم أداؤه ،أو كل نفقة لا تهواها النفس ،أو هي إلزام ما لا يلزم{[1878]} .
هذه هي حقيقية المنافقين من الأعراب الجفاة ،إذ ينفقون أموالهم وهم يعدون أنها جزية أو خسرا يؤدونه قسرا ،فلا ينفقونها إلا رياء وتقية .
قوله:{ويتربص بكم الدوائر} أي ينتظرون بالمؤمنين البلايا والمصائب التي يرجون أن تحل بهم وبدارهم .ليتخلصوا بذلك من ظل الإسلام ومن أداء الزكاة ،ثم يركنون بعد ذلك للشرك والباطل .
قوله:{عليهم دائرة السوء} ذلك دعاء عليهم بما تربصوا بالمسلمين لتحيق بهم هم البلايا والمصائب .
قوله:{والله سميع عليم} سميع بما قالوه من كلمات السوء عند الإنفاق أو التربص .وهو سبحانه عليم بما تنثني عليه صدورهم من خبيث النوايا .