{جَادَلْتَنَا}: الجدال ،والمجادلة: المقابلة بما يفتل الخصم من مذهبه بحجة أو شبهة .
والفرق بين الحجاج والجدال ،أن المطلوب بالحجاج ظهور الحجة ،والمطلوب بالجدال الرجوع عن المذهب .
قوم نوح يطالبونه بإنزال العذاب
...وجاء جوابهم انفعالياً لا يحمل أيّة مناقشة لما طرحه عليهم من أفكار ،بل هو التشنّج والهروب من الموقف ...
{قَالُواْ يا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} ولا نملك أي جواب لما تقول ،ولسنا مستعدين للدخول معك في حوار ،لأننا لا نريد أن نؤمن بك وبرسالتك مهما اعتمدت من أساليب وقدمت من أفكار ،فإذا كان لك ما تهددنا به في إنذارك لنا ،{فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَآ} من العذاب الأليم ،{إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} وهذا مظهر تحدّيهم لنوحٍ ،لاعتقادهم أنه غير قادر على ردّ التحدّي بمثله .
المنطق الهادىء للأنبياء
ولكن الأنبياء لا يواجهون التحدّي بانفعال ،أو بإحباط ،لأنهم لا ينطلقون من موقع ذاتي ،بل يعتبرون أنفسهم مجرّد رسل يبلغون الناس ما يأمرهم الله به ،فإذا واجههم الناس بالتمرُّد والتحدّي فإنهم يرفعون الأمر إلى الله ،لأنه موجّهٌ إليه قبل أن يكون موجّهاً إليهم ،لذا كان جواب نوح صورة للموقف الرسالي الهادىء الذي لا تزلزله التحديات .