{فَأَنظِرْنِي}: أمهلني .
{قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أمهلني إلى آخر موعدٍ تتحرك فيه المسؤولية في حياة الإنسان ،وإلى آخر يوم يقف فيه ليواجه نتائج المسؤولية بين يديك .إنه آخر طلبٍ أقدّمه إليك ،فإذا كنت قد عصيتك الآن ،فقد أطعتك في ما مضى كثيراً ..إنها رغبتي الأخيرة ،لأني إذا كنت فقدت الجنة بسبب هذا المخلوق الذي سيمتد في ذريته إلى وقت طويل ،فلا تحرمني فرصة الثأر لنفسي منه .واستجاب الله دعاءه ،لا لكرامةٍ منه عليه ،ولكن لأن رغبته تلك التقت بالحكمة الإلهيّة التي شاءت أن يعيش الإنسان حركة الإرادة والاختيار من مواقع الصراع بين الخير والشر ،والحق والباطل ،تماماً كما أراد لأبيه آدم أن يكون كذلك ،فلا بد من عنصر يثير الإحساس بالشرّ ويقوّيه في نفسه ،في مواجهة العنصر الذي يثير الخير فيها وينمّيه ،ليختار الخير من موقع القناعة ،ويرفض الشرّ من موقع وعيه للعناصر التي تقوده إليه ،ومقاومته لتأثيرها في موقفه ..وإذا اختار الشرّ ،فإنه يختاره من موقع الإرادة التي تتحمل مسؤوليتها ،على أساس الوعي للنتائج السلبية في هذا الجانب ،وللنتائج الإيجابية في الجانب الآخر ..فتقوم الحجة عليه ،بذلك ،من عند الله ،لتكون الحجة البالغة له في كل عناصر الاختيار لدى الإنسان