{مَسْطُورًا}: مكتوباً .
كتاب التكوين وسنن الحياة
{وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} بالموت أو بغيره من الأسباب المهلكة ،كالزلزال والطوفان والإحراق{أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا} بالجوع والخوف ونقصٍ من الأموال والثمرات ،وذلك ما تؤدي إليه الأعمال التي يقوم بها المترفون والمستكبرون ويتبعهم عليها المستضعفون ،لأن سنة الله في خلقه قد جرت على ربط النتائج بمقدماتها ،والمسببات بأسبابها .{كَانَ ذلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} في ما قدره الله ،في علمه ،في كتاب التكوين الذي أخضع الحياة كلها لقوانين وضوابط وأوضاعٍ تتحرك من خلالها للوصول إلى النظام الكوني ،الذي أراده الله خطّاً عملياً وتكوينيّاً للموجودات العاقلة المتحركة بالإرادة ،وجعله خطاً تكوينياً للموجودات الجامدة أو النامية غير العاقلة .وقد تحدث بعض المفسرين عن احتمال أن يكون المراد بالكتاب اللوح المحفوظ ،الذي ذكر فيه كل شيء بكيفياته وأسبابه الموجبة له ووقته المضروب له ،واستشكل العموم بأنه يقتضي عدم تناهي الأبعاد .وقد قامت البراهين النقلية والعقلية على خلاف ذلك ،فلا بد من أن يقال بالتخصيص بأن يحمل الشيء على ما يتعلق بهذه النشأة .
ولكن هذا الوجه غير ظاهر من اللفظ القرآني ،بل الأقرب هو كتاب التكوين في قوانينه العامّة أو إرادة ما ذكرناه من علم الله ،الذي قد يستعار له لفظ الكتاب الذي يسطر فيه العلم ،ولو أريد منه ذلك ،فلا مشكلة من جهة عدم التناهي ،لأن من الممكن أن تكون الأمور مندرجةً تحت عناوين عامّة وضوابط محدودة تحتوي جميع التفاصيل ،والله العالم .