{وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} لأن المهمة تحتاج إلى جهد آخر يشترك مع جهده في الدعوة والحركة والانطلاق ،ليعاون أحدهما الآخر في ما يمكن أن يواجههما من مشاكل وقضايا وصعوبات ،خصوصاً في جانب الدعوة التي تتطلب طبيعة خاصة للكلمة والمنهج والأسلوب ،حيث يتمتع هارون بمميزات جيدة ،لأن لسانه أفصح من لسان موسى ،كما جاء في سورة أخرى .وتلك هي الروح المتواضعة الجادة التي تدرس حجم المسؤولية وحجم إمكاناتها ،فإذا رأت بعضاً من الخلل الذي قد يصيب المسؤولية أمام ضعف الإمكانات ،فإنها لا تتعقد ولا تهرب من الواقع ،لتلجأ إلى الذات في عملية استغراق في الإيحاء بالقدرة الشاملة غير الموجودة لينعكس ذلك سلباً على حركة الموقف العملي ،بل تعمل على أن تستكمل القوة من جانب آخر ،لمصلحة العمل المسؤول .وهذا ما فعله النبي موسى( ع ) عندما أراد من الله أن يجعل له شريكاً في أمره ،لأنه يعيش بعض نقاط الضعف التي يملك فيها هارون نقاط قوة ..
وهذا ما يجب على العاملين في سبيل الله أن يواجهوه في ما يتحملونه من مسؤوليات ،ليخلصوا للدور العملي في استكمال كل الإمكانات التي يحتاجونها ،ولو كانت لدى الآخرين ،لأن ما نعانيه في ساحة العمل هو أن بعض العاملين قد يدفعهم الشعور الأناني بالعظمة الفارغة ،فيسيئون إلى مسؤولياتهم ،لأنهم لا يريدون الاعتراف بالحجم المحدود لقدراتهم ،وبالإمكانات المتوفرة لدى الآخرين .