{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً} وذلك بأن ينتقل من جو الشرك إلى التوحيد ،ومن جانب الانحراف إلى خط الاستقامة ،ومن حركة الكفر إلى حركة الإيمان والعمل الصالح .وبذلك تكون التوبة عنواناً للتراجع عن كل الماضي الذي لا يلتقي بالله وبرسله ورسالاته ،وتكون مدخلاً لاجتناب كل أنواع الكفر والشرك والمعصية والانحراف ،{ثُمَّ اهْتَدَى} كنتيجة للخط الذي تتحرك فيه التوبة والإيمان والعمل الصالح ،فيكون هو العنوان الذي يحكم حياة الناس في الاهتداء إلى الطريق المستقيم .
وقد لا يكون من الضروري أن يكون العطف ب{ثُمَّ} موجباً للتراخي الزماني ،بل يكفي فيه أن يكون هناك ترتيب في طبيعة حركة الأشياء ،تماماً كما هي النتيجة والمقدمات ،أو العنوان والمعنون .فإن ذلك هو الملحوظ في ما يستهدفه القرآن من حركة الإنسان بأن تكون انتقالاً دائماً من الضلال إلى الهدى ،ليكون الثبات والاستمرار في خط الهدى السائر إلى الله .
وهكذا يكون الانفتاح على الهدى والسير في طريقه ،موجباً لغفران الله للمهتدين ،عما أسلفوه من كفر وشرك وانحراف ،وفي ما يمكن أن يقعوا فيه من خطايا وذنوب .