{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} وذلك عندما جعلهم الله أنبياء يحملون الرسالة ويقومون بمهمة الإمام الذي يقوم بقيادة الأمة نحو أهدافها الكبيرة ،في ما يعيشه من فكر وخلق وروحانية وانفتاح على كل معاني الخير والحب والسلام من أجل هداية الناس إلى الله حتى لا يقوموا بشيء ولا يتركوا شيئاً إلا أن يعلموا أن في ذلك لله رضا ،وتلك هي مهمة النبوة والإمامة ،أن تتحقق للإنسان الصلة العميقة الواسعة بالله في عملية اهتداء روحيّ وعمليّ ،فلا انفصال بين حركة إنسانيته وبين حركة عبوديته ،بل يتواصلان ويتلاقيان ويتداخلان في وحدة إنسانية روحية لا تجزئة فيها ولا ازدواجية ،وهذا هو الخط المستقيم الذي يبدأ من الله وينتهي عنده .ولعل من البديهي أن يكون للإمام كل الغنى الروحي والفكري والعصمة الفكرية والعملية ،ليؤكد غنى التجربة في عناصرها الرسالية التي لا انحراف فيها ولا سقوط ولا ابتعاد عن الأهداف ،وهكذا أراد الله لهؤلاء الأئمة أن يهدوا الناس بأمره .
{وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ} في مواقع القدوة العملية ،في ما يفعلون ،وما يريدون للآخرين أن يفعلوه ،من خلال ما يريد الله لهم أن يحققوه من حركة ومنهج وهدف ،{وَإِقَامَ الصَّلاة وَإِيتَآءَ الزَّكَاة} حيث يلزمون بهما أنفسهم في سلوكهم الشخصي ،ويوجهون الناس إليهما في حياتهم العملية ،{وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ} إذ إنهم يتمثلون الشعور بالانسحاق أمام الله والانقياد إليه من خلال عبادة واسعة شاملة تتحرك في كل موقع لله فيه أمر فيطيعونه ،وتقف في كل ساحة لله فيها نهي فيتركونه ،ليكونوا عباد الله الذين{لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [ الأنبياء:27] في خط الرسالة وخط الحياة .