{ذلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} ذلك هو الخطاب الحاسم الذي يواجه به عندما يستنكر أو يحتج أو يتساءل ،فقد قدّمت يداكوأنت في الدنياكل هذا النتاج الضخم من الأعمال الشريرة القائمة على الكفر والضلال ،دون ركيزة من علم ،ودون قاعدةٍ من إيمان ،فهل هناك أيّ ظلم في ما تلقاه الآن من عذاب ؟!فعذاباتك نتيجة طبيعية لأعمالك ،وقد أنذرك الله وحذّرك من كل ما تتعرض له الآن .{وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِّلعَبِيدِ} ولكن الناس يظلمون أنفسهم بالكفر والمعصية والضلال الشديد .
وهذا النموذج الذي تقدمه الآية يمكن معاينته في الواقع في صورة الذين ينطلقون مع انتماءات الكفر والباطل ويتحملون مسؤولية الدعوة إلى الأفكار الضالة التي تمثلها تلك الانتماءات ،في مجال العقيدة والشريعة والمنهج والحياة ،فيحفظون شيئاً مما يلقى إليهم ،ويختزنون ملاحظات سريعة ،ويشكلون أفكاراً سطحية ينطلقون بها إلى الناس ،مستغلين بعض الأوضاع القلقة ،والزخارف الزاهية ،والمواقف المثيرة ،ليضلوهم بالشبهة والوهم والخيال ،وليحاصروهم بالمشاكل المتحركة في كل موقع من حياتهم التي توحي لهم بألف موقف ضلال .