{ثاني عِطْفِهِ}: الثني: الكسر ،والعطفبكسر العينالجانب .وجاء عن ابن عباس في قوله تعالى{ثاني عِطْفِهِ} أي متكبراً في نفسه .وقيل: معناه: لاوي عنقه إعراضاً وتكبراً عن الله ورسوله .
{خِزيٌ}: الخزي: الهوان والذلة والفضيحة .
{ثاني عِطْفِهِ} أي الذي ينحرف بجانبه ،فيكسره ،كالمعرض الذي لا يلتفت إلى من حوله ،وهو كناية عن الاستكبار والإعراض عن الحق ،وذلك{لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّه} من خلال الجدال الذي يحركه في اتجاه الضلال ،بجميع الوسائل التي يثيرها في الساحة .
وقد ذكر البعض أن الفرق بين هذا النموذج والنموذج السابق ،مع التقائهما بأنهما يجادلان في الله بغير علم ،أن هذا النموذج هو في المقلَّدينبفتح اللاموالآية السابقة في المقلِّدينبكسر اللاّم.
ولكن ذلك غير واضح ،فإن الآية الأولى إذا تحدثت عن اتباعه لكلِّ شيطان مريد ،فإن هذه الآية انطلقت من عدم استناده إلى شيء ثابت ،ما قد يوحي بأنه قد يشبه الأول في انطلاقه من موقع الانتماء إلى المضلّين ،وقد يكون الفرق بينهما ،أن الأوّل يعيش الضلال في ذاته ،أما الثاني فيمارس الدعوة إلى الضلال ،إضافة إلى ضلاله في نفسه ،ما يجعل جريمته أكبر ،لأنه يعمل على إخضاع الحياة للضلال .
الخزي والعذاب للضالّ المضلّ
{لَهُ في الدُّنْيَا خزي} لما يمثله الانحراف والضلال من عار وذلّ وفضيحة على صاحبه ،لأن جهل الإنسان بالحقائق الواضحة ،وابتعاده عن التفكير المنطقي في مواجهة القضايا العامة ،يفضحانه في ساحة الصراع الفكري والعقيدي ،{وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} جزاءً لتمرّده على الله ،بعد قيام الحجّة عليه ،في ما أنكره وجحده ،وفي ما أشرك به دون علم .