( العطف ) هو الجانب ، و{ ثاني} اسم فاعل من ثنى يثني ، أي لواه مستكبرا أو معرضا ، أو هما معا ، أي مع أنه يجادل في الله بغير أي نوع من العلم ، بل بجهالة جهلاء ، مع ذلك يلوي عنقه مستكبرا معرضا ، مفاخرا بما هو عليه ، كما قال تعالى:{ وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون 5} ( المنافقون ) ، وكما قال تعالى:{ وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا . . . 7} ( لقمان ) .
وإنهم بهذا التفاخر بالباطل والكبرياء والاستعلاء يضلون غيرهم لضعفهم ، ولذا قال تعالى:{ ليضل عن سبيل الله} ، أي ليضل غيره عن طريق الحق ، فاستعلاء الباطل يغري باتباعه ، وإذلال أهل الحق يغري بتركه إلا من ربط الله تعالى على قلبه .
وقد ذكر الله تعالى عند مغالبة الحق والباطل ، فقال عز من قائل:{ له في الدنيا خزي} ، يجعل كلمة الحق هي العليا ، وكلمة الباطل هي السفلى ، كما كان الخزي في بدر ، والأحزاب ، وغيرهما ، وذلك لا يعفيهم من عذاب الآخرة{ ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق} هو وضعه في جهنم المحرقة نارها ، وعبر ب{ نذيقه} ، لأن الإلقاء في الجحيم من غير أن يذوق حريق النار ، ويلهب إحساسه بها- لا يدرك معه حقيقة العذاب ، لأن العذاب في ذات الإحساس بالنار .