{مَّرِيدٍ}: المريد: الخبيث ،وقيل: المتجرد للفساد والمعرّى من الخير .
نموذج ضالّ
هذا نموذج من الناس الذين يرفضون خط التقوى في حياتهم ،ويمتنعون عن المواجهة الجادّة للمسألة العقيديّة بالفكر العميق والروح التقيّة ،ويتحركون من خلال الأهواء في العلاقات والانتماءات ،لا يركنون إلى قاعدةٍ من علمٍ ،أو إلى انطلاقةٍ للفكر ،لأنهم لا يواجهون الحياة بالمسؤولية الفكرية التي تعتمد على العلم في تحديد النتائج وتكوين القناعات ،بل كل ما هناك ،أنهم ينتهزون الفرصة السانحة للحصول على المطامع والرغبات ،من أيّة جهة كانت ،وفي أيّ موقعٍ .
الجدال الشخصي والجدال الفكري
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} فيدخل مع الآخرين في جدلٍ حول صفات الله وأفعاله ،وحول مسألة التوحيد والشرك ،ولكنه لا يملك المعطيات العلمية التي تتيح له فرصة الدخول في الجدل المنتج الذي يقنع فيه المتجادلون بعضهم بعضاً بالحجة والبرهان ،حيث يكون الموقف موقف فكر يصارع فكراً ،لا موقف شخص ينازع شخصاً آخر ،لأن الجدال الشخصي لا يؤدي إلا إلى المهاترات ،بينما يؤدي الجدال الفكري إلى تكوين القناعات .
وهذه هي مشكلة الكثيرين ممن يتخذون المواقف دون فكرٍ ،ويدخلون في الجدل دون امتلاك أدواته العلمية ،فتكون النتيجة هي إثارة الضوضاء والصخب واستثارة الانفعالات لا أكثر .ويتمثل هؤلاء بالببّغائيين الذين يقلّدون الآخرين في مواقفهم وأفكارهم دون أن يفهموا طبيعتها وخلفياتها ونتائجها الإيجابية والسلبية ،ويدافعون عن تلك المواقف والأفكار بحماس يفوق حماس أصحابها ،فيستخدمون الوسائل الانفعالية الاستعراضية التي قد تؤدي إلى التقاتل والتنازع ،ويثيرون المشاكل ويعيقون الثورة على الواقع الفاسد والإصلاحات الفكرية والاجتماعية والسياسية ،بفعل تيار الجهل والفوضى الذي يخلقونه في الحياة العامة .
القيادات الشيطانية
{وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَّرِيدٍ} وتلك مشكلة من يتبعون القيادات المنحرفة التي تعمل على إثارة الفساد ،وإبعاد الناس عن خط الخير ،فيجمّدون عقول هؤلاء الناس ليتَّبعوا عقولهم دون وعيٍ أو تفكير ،ليتحركوا عندها لتحقيق مخططات الشرّ والظلم والضلال .