{تَوَلاَّهُ}: اتخذه ولياً .
{كُتِبَ عَلَيْهِ} في ما قدّره الله في الحياة من علاقة المسببات بأسبابها ،في مسألة الهدى والضلال ،مما لا يتنافى مع مسألة حرية الإرادة وعنصر الاختيار ،{أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ} واتّخذه مرشداً وقائداً ورأى فيه القدوة في كل شيء{فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} كنتيجة طبيعية يصل إليها من يغمض عينيه ،ويغلق سمعه ،ويجمّد عقله ،ويخضع حركته في الحياة لإيحاءات مثل هذا الشيطان ،ويقلّده في أقواله وأفعاله ،فإن ضلال هذا الشيطان المتّبَع سيكون سبباً في إضلال التابع وانحرافه ،لأن النتائج السلبية لا بد من أن تأتي من المقدّمات السلبّية .
{وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} وهو نهاية خط الضلال والانحراف المنطلق مع آفاق الشياطين ،لأنه يبعد الإنسان عن الله ،فيبتعد بذلك عن الجنة ويقترب من النار .
بالعلم واتباع القيادة المؤمنة نتفادى هذا النموذج
عند قراءة كيفية تقديم القرآن الكريم لهذا النموذج المنحرف ،نلاحظ أن هذا النموذج يتميز بصفتين ؛الأولى: افتقاده إلى العلم الذي يفتح أمامه أبواب الحق .والثانية: اتباعه الشيطان الخبيث الذي يريد للحياة أن تتحرك في طريق الشرّ وأن تبتعد عن طريق الخير .وفي ضوء ذلك ،نفهم أن العلم قيمة أساسية في شخصية الإنسان ،وفي حركة الواقع الفكري والعملي ،والتأكيد عليه يمكن أن يؤدّي إلى إطلاق الخلاف العقيدي والسياسي والاجتماعي ،من موقع التنوّع في الاجتهاد القائم على الدليل الذي قد تختلف الأنظار في فهمه ،وبذلك يمكن أن يؤدي الحوار إلى اللقاء على أكثر من قضية من قضايا الخلاف ،وإلى الانفتاح على الحق من أقرب طريق .
من هنا ،يجب التأكيد على ضرورة انطلاق القاعدة من مواقع الاقتناع الفكري بالقيادة ،لا من مواقع التقليد الأعمى لها ،لا سيّما في المسائل التي يمكن للقاعدة أن تأخذ فيها بأسباب المعرفة ،أو من قاعدة الأساس الشرعي الذي يعطي الإنسان الحقّ في اتباع قيادة مؤهّلة تملك مواصفات معينة يأمن معها من الوقوع في قبضة الضلال ،لما تملكه من العصمة أو العلم أو التقوى أو الإيمان ،ما يجعلهأي الإنسانبمأمن من الوقوع في قبضة الضلال ،بحيث يتحول المجتمع إلى ساحةٍ متحركة بالعلم والوعي مع القيادات المؤمنة الواعية التي تنفتح على الله وعلى المسؤولية من خلاله .