{إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} لأن الذي يدّعي هذا الادّعاء ،ويدعو إلى التوحيد ورفض عبادة الأصنام ،لا بد من أن يكون به مسٌّ من جنونٍ ،لأنه يتحدى الناس كلهم في عقيدتهم وسلوكهم ،ويزعم لنفسه الاتصال بالله بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر ،{فَتَرَبَّصُواْ بِهِ} أي أمهلوه واصبروا عليه حتى ينكشف أمره ،{حَتَّى حِينٍ} كي يرجع عن ذلك الجنون وإلا قتلتموه .
إنه موقف مرتبك متخبط يدفعهم إلى البحث عن كلمةٍأية كلمةٍلمواجهة دعوة الرسول ،وهم بنتيجته يرفضون الرسالة لبشر ،ويرضون الألوهية للحجر ،وينكرون المبدأ في هويّة صاحب الرسالة ،ثم يحكمون عليه بالجنون دون أيّ دليل على ذلك ،فهم لم يروا في شخصيته أيّ خلل في رأيٍ أو سلوك ،ولكنه المأزق الذي يعيشه أصحاب الكفر والضلال ،فيبحثون عما يؤكدون به ضلالهم حتى بالباطل ..وتلك هي قصة الناس في كل زمان ومكان ،في تنكّرهم للحق ،وإصرارهم على العناد ،دون إعمال الفكر والوجدان .