{وَالَّذِينَ هُم بِآياتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ} ،لأنهم تطلّعوا إلى كل مظاهر الحياة ،في الكون وفي الإنسان ،في أجهزة جسمه ،وانطلاقة عقله وروحه ،وفكروا في تلك الآيات تفكير الباحث عن الحقيقة ،وتعمّقوا في أسرارها ليعرفوا دقّة الصنع ،وإعجاز الوجود ،وقارنوا فيما بينها ،ووقفوا على سرّ الوحدة فيها ،فعرفوا أن الله وحده هو خالق ذلك كله ،ومبدعه ومدبّره ،وبذلك كان الإيمان بالآيات مقدمة للإيمان بالله ..وهنا تحدّد قيمة المعرفة الكونية في حساب الإيمان ،فهي ليست حركة عقلية مجردة للاستغراق داخل الفكرة ،بل انطلاقةٌ فكريةٌ وروحية ،ينفتح الإنسان بها على عالم آخر يلتقي من خلاله بالله ..فالإيمان لا يرتبط بالحقيقة بطريقة ساذجة ،بل يلتقي بها من خلال إعمال الفكر ،وتحصيل العلم ،لتشكيل قاعدة علمية وعقلية متينة يستند عليها .