{أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} وتلك هي الحقيقة الكونية الواضحة التي لا بد للإنسان من أن يعيها وعياً تاماً ،ليعرف من خلال ذلك مسؤوليته أمام الله ،وخضوعه له ،كما يعرف عمق ارتباط الشريعة بالمصلحة الحقيقية للإنسان ،لأن مالك السماوات والأرض وما فيهن يعلم ما يصلحها وما يفسدها أكثر من أي شخص آخر ،وبذلك تكون الشريعة مطابقةً للحاجات الواقعية التي تتمثل في عمق وجودهم .
{قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} من شؤونكم العامة والخاصة ،في حاضركم ومستقبلكم ،لأنه العالم بغيب ذلك كله ،فيشرع لكم ما ينسجم معه .
{وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} في يوم القيامة ،فهو العالم بالبداية والنهاية ،وهو الذي يضع لكم خطّ السير في ما ينزل من سور ،وفي ما يفرض من أحكام ،ويريدكم أن تسيروا عليه بأن تحللوا حلاله وتحرّموا حرامه ،ليكون ذلك هو الأساس الذي يرتكز عليه مصيركم في الآخرة ..وهو يعلم ذلك كله ..
{فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شيء عَلِيمُ} ،فعليهم أن يراقبوا أنفسهم وأعمالهم ،وينظروا حصيلة عمرهم كله من أعمال الخير ،لأن الله لا يغيب عنه شيء من ذلك .وهذا ما ينبغي للإنسان أن يعيشه ،فيكون المسؤول أمام الله في كل ما يفكر به ،أو يعمل به ،أو يثيره في حياته من أوضاع وعلاقات ،وأن يجعل كل مفردات حياته الفردية والاجتماعية خاضعة لعلاقته بالله ،وحركة المسؤولية في وجوده .