لقد نسبوا إلى النبي الكهانة في ما كانوا يحاربونه به من الكلمات اللاَّمسؤولة التي يريدون أن يشوّهوا بها شخصيته الرسالية ،لينظر إليه الناس من هذا الموقع الذي يتصورون فيه الشخص الذي يملك صلةً بالجن والشياطين الذين يوحون إليه ببعض الغيبيّات والأفكار ،فيبطل تأثيره فيهم في أجواء القداسة الرسالية التي تربطه بالله ،وتطل به على آفاق الغيب ومواقع الوحي الإلهي .ولهذا جاءت هذه الآيات لتركز على هؤلاء الذين تتنزل عليهم الشياطين بالخيالات والأوهام الكاذبة فلا يملكون من الحقيقة شيئاً ،بل يطلقون الدعاوى في مصادرهم الغيبية من دون أساس ،ليعرف الجميع أن النبي ليس من هذه الجماعة ،وأن رسالته لا تحمل ملامح كلماتهم الزائفة ،وأن الذين يتحركون في طريق الكذب والإثم والجريمة هم جماعة الشياطين ،بقطع النظر عما إذا كانت لهم صلةٌ مباشرةٌ بهم ،أو لم تكن لهم تلك الصلة ،بل كانت المسألة مسألة الأجواء الشيطانية في الفكر والحركة .
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} أيها الكافرون الذين تتحدثون بأن النبي يستقبل الشياطين الذين يوحون إليه ما يتلوه عليكم من قرآن من دون حجة لديكم في هذا الحديث ،