{قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} هل تتطلعونجيداًإلى الشمس عندما تشرق في الكون في جهةٍ معينةٍ منه فتكشف لكم جانباً كبيراً منه يسمى بالمشرق ،وعندما تغرب في جهةٍ أخرى فتكشف جانباً آخر يسمّى بالمغرب ،ألا يثير ذلك فيكم الشعور بأن هناك قوّةً تحرّك ذلك كله في حركة النور والظلام ؟لماذا لا تفكرون بعقولكم لتلتقي بالحقيقة الإِلهية المطلقة في الكون ،لتعرفوا أن رب العالمين الذي أدعوكم إلى عبادته في ما أحمله من رسالته هو رب السماوات والأرض وما بينهما ،وهو رب المشرق والمغرب وما بينهما ،وأن تنوُّع الأسماء يشير إلى تلك الحقيقة الواحدة التي تشرق على الكون كله وتدبره بكل ظواهره ومفرداته ؟
إنها كلمات الإصرار على الموقف ،المنفتحة على نوافذ العقل والوجدان واليقين ،التي توحي بالقوّة الرسالية في الموقع الثابت الذي يقف فيه موسى في وجه التحدي الكافر الذي يمثله فرعون وقومه .
فرعون يلجأ إلى التهديد بعد سقوط حجته
ولم يستطع فرعون أن يتمالك نفسه ،فقد خاف أن يظهر عجزه لقومه ،لو استمر بهذا الأسلوب المتحرك مع علامات الاستفهام ،ومواقف الاحتجاج والاستنكار ،فالتجأ إلى أسلوب الأقوياءالضعفاء عندما يريدون أن يغطّوا ضعف مواقفهم الداخلية بمظاهر القوّة الخارجية الاستعراضية ،وذلك بإطلاق كلمات التهديد بالسجن .