{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُواْ} أنفسهم بالكفر والتمرد ،وبما ظلموا الناس من الوقوف في الطريق أمامهم ليحولوا بينهم وبين السير في طريق الهدى في خط الرسالة والرسول ،وذلك هو حكم الله على عباده المتمردين الذين يرفضون الانسجام مع تعاليمه وأوامره ونواهيه ،ويحاربونه في رسالاته ورسله ،{إِنَّ فِي ذلِكَ لاََيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} في ما يستنتجونه منه في أفكارهم من دراسة الحاضر والمستقبل في معطياته المماثلة للماضي على أساس القاعدة التي تحكم المسألة في الزمان كله ،لأن الفكرة تتصل بطبيعة المبدأ في حركة الإنسان في الواقع ،لا بالمرحلة الزمنية الخاصة ،فمتى تحققت الظروف الموضوعية في أيّ زمان ،فلا بد من أن تتحقق النتائج السلبية الملازمة لطبيعتها .وفي ضوء ذلك ،نعرف أن قيمة العلم تكمن في حركة الفكر التي تربط بين القضايا وتقيس بعضها على البعض الآخر ،لتأخذ من ذلك القاعدة التي تحكم الأمور كلها من موقع الوحدة التي تربط بين الأشياء المتماثلة ،أمّا الجاهلون ،فإنهم يتخبطون في ظلمات جهلهم ،باستغراقهم في خصوصيات الواقع الصغيرة ،بحيث يبتعدون عن التطلع إلى الآفاق البعيدة المستقبلية التي تنقذ الإنسان من الأخطار المحققة على صعيد الفكر والتأمّل .