{وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} التي يرفضها الذوق والعرف والطبيعة ،من خلال المزاج الشهواني الذي يخضع لنزواتٍ ذاتيةٍ ،بعيداً عن التوازن بين الحاجة والرغبة .ولهذا كانت فاحشةً تتجاوز الحدود المرسومة في إشباع الغريزة ،فلم ينطلق الوضع التكويني للرجل ليكون عنصراً سلبياً في غريزة الجنس فيكون مفعولاً ،بل ليكون عنصراً إيجابياً فاعلاً في ذلك ،لأن الإعداد الجنسي لا يقتصر على مجرد إمكانات الإِشباع ،بل على الأجواء المتنوعة المتفاعلة طبيعياً في ما يجمع بين الرغبة والحاجة في روحية الممارسة وحركتها المادية .
ولهذا ،فإن القرآن يحدثنا عن لوط كيف كان يوبِّخ قومه ويحتجُّ عليهم ،كيف تأتون الفاحشة جهاراً كمسألةٍ طبيعيةٍ{وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} وترون نتائجها المضرّة على مستوى حياتكم العامة والخاصة ،أو وأنتم في حال يرى بعضكم بعضاً وينظر بعضكم إلى بعض ،كما ذكر بعض المفسرين .ولعل الوجه الأول أوفق بالجو السياقي للآية ،لأن الظاهر أن التنديد بالفاحشة كان منطلقاً من طبيعة قيامهم بها من موقع الوعي لطبيعتها السلبية التي تستتبع الارتداع عنها ،لا من قاعدة الرؤية الحسية لها ،لأن مشاهدة بعضهم البعض في ما تسالموا عليه من الفعل لا يثير الرفض الفكري له ،والله العالم .