{فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا} ليدفعه عن صاحبه ،لينهي المعركة بسلام أو ليواجه عدوانه بطريق القوّة ،بعد أن امتنع عن الابتعاد عنه ،{قَالَ يا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالاَْمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الاَْرْضِ} يواجه الناس بالقهر والبطش والقتل ،ويحل المشاكل بالقوّة والعنف ،{وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} الذين يبادرون إلى حلّ الأمور بالتي هي أحسن ،فيصلحون ما فسد ويجمعون القلوب على المحبة بدلاً من أن يجمعوها على العداوة والبغضاء .
وجاء في تفسير الميزان: «ذكر جلّ المفسرين أن ضمير"قَالَ "للإِسرائيلي الذي كان يستصرخه ،وذلك أنه ظن أن موسى إنما يريد أن يبطش به لما سمعه يعاتبه قبل بقوله:{إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ} فهاله ما رأى من إرادته البطش فقال:{قَالَ يا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالاَْمْسِ} الخ ،فعلم القبطي عند ذلك أن موسى هو الذي قتل القبطي بالأمس ،فرجع إلى فرعون وأخبره الخبر ،فائتمروا بموسى وعزموا على قتله .ويعقب صاحب الميزان على ذلك بقوله: «وما ذكروه في محله لشهادة السياق ،بذلك فلا يعبأ بما قيل: إن القائل هو القبطي دون الإسرائيلي » .
وقد نلاحظ على ذلك أن السياق لا دلالة له على هذا التفسير ،لأن ائتمار القوم به في ما أخبره به بعض الناس ،لا يدلّ على ظهور أمر القتل من خلال القضية الثانية ،بل قد يكون على أساس القضية الأولى التي ذاعت وشاعت بين الناس ،وبعثت الخوف في نفس موسى ،ولعل الذي يقتضيه الظهور هو أن يكون الكلام للقبطي عندما أراد موسى أن يبطش به ،فكان كلامه لوناً من ألوان المحاولة بدفع موسى عنه بذلك بعد أن خاف أن يقتله ،ولكن الوجه الذي ذكره محتمل ،فقد ورد في بعض أحاديث الإمام الرضا( ع ) المروية عنه في حديثه مع المأمون ما يؤكد ذلك ..في ما جاء في كتاب «عيون أخبار الرضا » ،والله العالم .