{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّوأى أَن كَذَّبُواْ بَِايَاتِ اللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} السوأى هي الحالة السيئة ،تأنيث للسوء كالحسنى تأنيث الأحسن .
وهناك تفسيران للآية:
أحدهما: أن تكون السوأى كناية عن العذاب باعتبار أنه الأسوأ في ما يصل إليه الإنسان ،وبذلك يكون معنى الآية: ثم كان عاقبة هؤلاء الذين أساؤوا العمل ،العاقبة الأسوأ ،وهي العذاب ،لأنهم كذبوا بآيات الله واستهزأوا بها ،على أساس أن تكون كلمة «السوأى » اسم كان ،وتكون كلمة «عاقبة » خبراً مقدّماً .
ثانيهما: أن تكون كلمة السوأى تعبيراً عن العمل السيّئء وهو المعاصي التي يمارسونها ،فتكون مفعولاً لأساؤوا ،وبذلك يكون المعنى: ثم كان عاقبة الذين عملوا الأعمال السيئة التي كان ينهاهم عنها الرسول ،أنَّ أمرهم انتهى إلى التكذيب والاستهزاء ،لأنّ تأثير المعاصي في نفوسهم جعلهم في موقع الخط الذي يبرّر لهم ما يفعلون ،وهو الكفر ،ما يجعل جانب الكفر أقرب إلى نمط حياتهم من جانب الإيمان ،لأن الإيمان لا يرضى لهم بذلك .
ويعلّق صاحب الميزان على المعنى الثاني ،بأنه صحيح في نفسه ،لكنه مخالف لسياق الآيات مع موافقة المعنى الأول له ،«لأن المقام مقام الاعتبار والإنذار ،والمناسب له بيان انتهاء معاصيهم إلى سوء العذاب ،لا انتهاء معاصيهم المتفرقة إلى التكذيب والاستهزاء الذي هو أعظمها »[ 1] .
أمّا تعليقنا على ذلك ،فهو أن هذه الآية تتحدث عن حالة التكذيب الصادرة من الكافرين ،في ما يستتبعه من الاستهزاء ،لأن الجوّ هو جو المواجهة التي كانوا يواجهون بها الرسل الذين جاؤوا لينذروهم بعذاب الله ليتركوا النهج السيىء الذي يسيرون عليه ،وليس الجوّ هو جو الحديث عن العذاب ،بل إن ذلك لاحقٌ للآية في ما يأتي من الآيات الأخرى .