{أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي الاَْرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} من الأمم السالفة{كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} فقد كان منهم العمالقة والجبابرة وكان منهم الجماعات التي تملك الحضارة والتقدم والرقيّ والعمران
{وَأَثَارُواْ الاَْرْضَ} أي حرثوها وأصلحوها للزراعة{وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} بما كانوا يملكون من ثقافة عمرانيةٍ ،وقدرةٍ معماريةٍ وهندسيةٍ .{وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ} التي تشرح صدورهم للإيمان ،وتخطط لهم الطريق للتقوى ،مما لا يدع لهم شكاً ولا شبهةً في أيّ شأنٍ من شؤون ذلك .ولكنهم لم يلتزموا بالعقيدة الحقّة ،ولم يسيروا على خط الله ،فأهلكهم الله بذنوبهم ،وأخذهم بكفرهم أخذ عزيزٍ مقتدر ،لأنهم استحقوا ذلك{فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} لأن الله ليس بحاجة إلى أن يظلم عباده ،لأن الظلم مظهر ضعف يتعالى عنه الله القويّ العزيز{وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون} لأنهم لم يتحملوا مسؤولية الإيمان بعد قيام الحجة عليهم فيه ،ولم يستقيموا في خط العمل الصالح بعد نزول الوحي عليهم في أوامر الله ونواهيه .
كيف يغفل هؤلاء عن ذلك كله ؟وكيف يمرّون على منازل هؤلاء الناس دون أن يثير ذلك فيهم أيّ فكرٍ يتطلع للمعرفة من خلال حركة التاريخ في الماضي ،ودون أن يدفعهم إلى الاعتبار بما حصل للسابقين ليعرفوا ماذا يحدث لهم ولمن بعدهم في المستقبل .