قوله:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} الاستفهام للتقريع والتوبيخ لهؤلاء المشركين الجاحدين الذين يكذبون بيوم الدين وينكرون نبوة رسولهم محمد صلى الله عليه وسلم ؛فلقد سار هؤلاء المكذبون الضالون في طريقهم إلى البلاد الأخرى تجارا ،ورأوا ما حل بالأمم من قبلهم من خراب ودمار .أفلم يتدبروا ما رأوه فيخشوا ويزدجروا عن كفرهم وعصيانهم ؟.أفلا يخافون أن يحيق بهم ما حاق بالسابقين من تدمير وهلاك بسبب عصيانهم وتكذيبهم أنبياءهم الذين أرسلوا إليهم هداة مرشدين ؟.
قوله:{كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} فقد كانوا أكثر من هؤلاء أموالا وأولادا ،وأشد منهم بُنية وأجساما ،وأطول أعمارا .
قوله:{وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} إعمار الأرض تهيئتها للحرث والزراعة ؛فقد عمر السابقون الأرض ؛أي حرثوها لمزاولة الزراعة فيها أكثر مما عمرها هؤلاء وهم مشركوا مكة ؛إذ لم يكونوا أهل حرث أو زراعة .
قوله:{وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ} جاءهم المرسلون بالآيات الواضحة والدلائل الظاهرة على صدق ما جاءوهم به من عند الله لكنهم كذبوهم وجحدوا رسالتهم وأنكروا حججهم وبيناتهم فأنزل الله فيهم عذابه .فما أغنى عنهم بأسهم ولا قوتهم ولا أموالهم ؛بل أخذهم الله بالتدمير والإبادة{فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} لم يعذبهم الله من غير ذنب فعلوه .ولكن يعذبهم بكفرهم وتكذيبهم وكبير معاصيهم .