قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ( 8 ) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 9 ) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون} .
ينبه الله على التفكر فيما خَلَقه من عجيب الخلائق الكثيرة والمختلفة .وهي بكثرتها وعجيب صنعها وكامل اتساقهاوانسجامها وتكاملها ،تدل قطعا على عظمة الخالق الصانع المدبّر وعلى أنه وحده متفرد بالخلق والإبداع ،وليس له في ذلك شريك ولا نديد .وهو قوله:{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}{مّا}: نافية .والمراد بالتفكر ؛النظر والتدبر والتأمل في الكائنات وفيما خلق الله من أشياء كثيرة في السماوات بطباقها الواسعة المديدة ،وفي الأرض وما حوته من مياه ومعادن وأناسي ونبات مختلف ألوانه وأجناسه .وما بين ذلك كله وما في خلاله من أجرام ومُركَّبات وكائنات إحياء وغير أحياء .أو لم يتفكر الناس في كل هذه المخلوقات العجائب ؛ليعلموا أنها لم تخلق عبثا ولا باطلا ولا سدى .بل خلقت بالحق ؛أي بالعدل ،أو أن خلقها هو الحق ،أو أن الله خلقها للحق .
قوله:{وَأَجَلٍ مُّسَمًّى} أي خلق الله السماوات والأرض إلى أجل مسمى ينتهيان إليه وهو يوم القيامة .فيومئذ تُبدل الأرض غير الأرض والسماوات .
قوله:{وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} اللام للتوكيد .والمعنى: أن كثيرا من الخلق جاحدون مكذوبون بالبعث والدين ،منكرون للمعاد بعد الموت .لا جرم أن هؤلاء هالكون خاسرون .