ثم أنكر عليهم قصر نظرهم على ما ذكر من ظاهر الحياة الدنيا ،مع الغفلة عن الآخرة بقوله:{ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ} أي يحدثوا التفكير في أنفسهم ،الفارغة من الفكر والتفكير .فالمجرور ظرف للتفكر ،وذكره لزيادة التصوير .إذ الفكر لا يكون إلا في النفس .والتفكر لا متعلق له ،لتنزيله منزلة اللازم .وجوز كون المجرور مفعول{ يتفكروا} لأنه يتعدى ب{ في} أي:أو لم يتفكروا في أمر أنفسهم .فالمعنى حثهم على النظر في ذواتهم وما اشتملت عليه من بديع الصنع ،وقوله تعالى:{ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} متعلق بقول أو علم ،يدل عليه السياق .أي:ألم يتفكروا فيقولوا أو فيعلموا .وقال السمين:( ما ) نافية .وفي هذه الجملة وجهان:أحدهما – أنها مستأنفة لا تعلق لها بما قبلها .والثاني – أنها معلقة للتفكر .فيكون في محل نصب على إسقاط الخافض .انتهى .والباء في قوله:{ بالحق} للملابسة .أي ما خلقها باطلا ولا عبثا بغير حكمة بالغة ،ولا لتبقى خالدة .وإنما خلقها مقرونة بالحق ،مصحوبة بالحق{ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى} أي وبتقدير أجل مسمى ،لا بد لها من أن تنتهي إليه .وهو قيام الساعة ووقت الحساب والثواب والعقاب .ولذا عطف عليه قوله{ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} .