{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} .
{ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} .
{ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وهو ما يوافق شهواتهم وأهوائهم{ وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ} أي التي هي المطلب الأعلى{ هُمْ غَافِلُونَ} أي لا يخطرونها ببالهم .فهم جاهلون بها تاركون لعلمها .
لطائف:قال الزمخشري:قوله تعالى:{ يعلمون} بدل من قوله:{ لا يعلمون} وفي هذا الإبدال من النكتة ،أنه أبدله منه وجعله بحيث يقوم مقامه ويسد مسده ،ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ،وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا .وقوله:{ ظاهرا} يفيد أن للدنيا ظاهرا وباطنا .فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخرفتها والتنعم بملاذها .وباطنها وحقيقتها أنها مجاز إلى الآخرة ،يتزود منها إليها بالطاعة والأعمال الصالحة .انتهى .
وناقش الكرخي في إبدال{ يعلمون} قال:إن الصناعة لا تساعد عليه .لأن بدل فعل مثبت ،من فعل منفي لا يصح .واستظهر قول الحوفي ؛ أن{ يعلمون} استئناف في المعنى .
وأشار الناصر إلى جوابه بأن في تنكير{ ظاهرا} تقليلا لمعلومهم .وتقليله يقربه من النفي .فيطابق المبدل منه .
أقول:التقليل هو الوحدة المشار لها بقول الزمخشري ( وفي تنكير الظاهر أنهم لا يعلمون إلا ظاهرا واحدا ،من جملة الظواهر ) .
أما قول أبي السعود:وتنكير{ ظاهرا} للتحقير والتخسيس دون الوحدة كما توهم ،فغفلة عن مشاركتها للتعليل الذي به يطابق البدل المبدل منه .فافهم .