ويبقى للأسلوب القرآني في توجيه الإنسان نحو الإيمان بالله حركته التي يلامس بها الشعور العميق في إثارة الإحساس الداخلي بالكون من حوله ،في ما يتحرك به من آثار رحمة الله ،وفي ما يفيض به من منابع نعم الله ،ولكن الإنسان يظل في مشاعره قلقاً ،فيهتز للبشرى بالنعمة ،ويتعقد من خلال مظاهر الخوف ،ولا يدرس الأمور بعقله ليعرف طبيعة النظام الكوني الذي تتنوّع أوضاعه تبعاً لتنوع أسرار الحكمة في داخله .
يرسل الرياح فتثير سحاباً
{اللَّهُ الَّذي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} بما تحمله من بخار الماء المتصاعد من كتلة الماء في الأرض ،وتحرّكه في الفضاء{فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ} ويفرشه في الجوّ كما لو كان بساطاً ممتداً في الأفق{وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً} أي قطعاً متراكمة بعضها فوق بعض ،فقد يصطدم بعضها ببعض ،وقد تنبعث شرارة كهربائية بين طبقةٍ منه وطبقة{فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ} وهو المطر الذي ينبعث منه فيهطل ويتساقط على الأرض{فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ} تبعاً للحكمة التي يوزع فيها المطر على البلاد والعباد ،{إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} به لتأثيره الكبير في حياتهم ،لأنهم يشربون منه ويزرعون من خلاله ،ويغتسلون ويتطهرون به .