{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ} في مسيرة الأنبياء التاريخية الممتدة في الزمن ،حيث أراد الله للناس أن يكتشفوا سرّ الهدى في وحي الله وفي تشريع رسالاته ،وفي حكمة رسله وجهادهم من أجل تطوير الحياة في اتجاه الخير والعدل والسلام ،ليأخذوا بأسباب الهدى ،فيهتدوا به إلى رضوان الله ،{فَجَآءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ} لأن الله يريد للناس أن ينفتحوا على الإيمان به ،من خلال البينات الواضحة التي تقودهم إلى معرفته واكتشاف خط الرسالة الإِلهية في دائرة الحياة وفي حركة المصير .وانطلق الأنبياء بالدعوة ،فاتبعهم فريقٌ ،وكفر بهم فريق آخر ،ووقف الكافرون في مواجهة المؤمنين ،ومارسوا الجريمة الوحشية في قتل البعض وتعذيب البعض الآخر ،وفي السخرية بالنبيّ والنبوّة والكتاب ،وتجاوزوا الحدود في ذلك كله ،{فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ} بعد أن أمهلهم الله ليعودوا إليه ،وليتراجعوا عن ضلالهم وكفرهم ،فلم ينفعهم ذلك ،ونصر المؤمنين الذي كانوا يعانون من وحشية الاضطهاد وهمجية الكفر .
{وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنين} لأن الله أرادهم أن يصبروا ويتحركوا في ساحات الجهاد ،ليعانوا ويتألموا ويحقّقوا الكثير من النتائج الإيجابية في واقع الإنسان والحياة ،ثم يأتي النصر من الله في إرادته الحاسمة في نصر عباده الذين آمنوا به وأخلصوا له في رسالته ،في الفكر والشريعة والهدف .