قوله:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ} هذه تسلية من الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ،إذ يذكره بالمرسلين من قبله فقد أوذوا في سبيله واحتملوا في دعوتهم إلى الله ،الشدائد والمكاره من أقوامهم الضالين المكذبين .وذلك كيلا يبتئس مما يجده من المشركين من أنواع البلاء والأذى .
قوله:{فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} جاءوهم بالحجج الظاهرة البلجة ،كالمعجزات ونحوها التي تشهد بصدق ما جاءوا به ،فكذبوهم قومهم كما كذبك قومك فانتقم الله منهم بإجرامهم وتكذيبهم ؛إذ أخذهم بالهلاك على اختلاف صوره .
قوله:{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}{حَقًّا} ،خبر كان .واسمها ،{نَصْرُ} أي أن نصر المؤمنين على الكافرين حق أوجبه الله على نفسه .وهذا وعد من الله لا يختلف وحقيقة راسخة مستقرة ومسطورة لا تقبل المراء أو الشك .وهي أن الله ناصر عباده المؤمنين الموحدين الذين استقاموا على صراطه الحق والتزموا شرعه ومنهجه للحياة فأطاعوه وأذعنوا لجلاله بالخضوع والاستسلام ولم يرتضوا عن دين الإسلام أيما بديل .أولئك هم المؤمنون الثابتون على الحق ،السائرون في ضياء الإسلام المشرق ،المتوكلون على الله حق التوكل بعد أن جهدوا ما استطاعوا في اتخاذ الأسباب المادية والمعنوية إعدادا لكل معركة يجاهدون فيها أعداء الله .لا جرم أن أولئك المؤمنين الصادقين المخلصين سيكتب الله لهم النصر والتأييد والإعزاز{[3618]} .