{فَانظُرْ إِلَى آثارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحييىِ الاَْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ} في خضرة الأرض المهتزة بالعشب ،والفاكهة المتدلِّية من الأشجار النضرة ،وبالزرع الذي يحمل كل خصائص الحياة الغنية بعناصر القوّة للإنسان وللحيوان .ولا تشغلك مظاهر الجمال فيها عن التفكّر في الله الذي خلقها وأحياها وأعطاها سرّ الحيوية والامتداد ،وحاول أن تستشعر معنى الرحمة الإِلهية في ذلك كله ،ليهتز الشعور بمحبة الله في نظرة الإنسان إلى آثار رحمته ،تماماً كما يهتز بالانفعال بجمال الطبيعة في أجواء الربيع المهتز بالخضرة .
ولا يقتصر التوجيه القرآني في استلهام العمق العقيدي بالإيمان بالله والشعور برحمته ،على ما يثيره في نفس الإنسان من مشاعر الامتنان بالنعمة والرحمة ،بل يمتد إلى أن يحرك الفكر في اتجاه استشفاف عقلانية الإيمان باليوم الآخر في مواجهته للفكرة المضادة التي تنكر البعث على أساس استبعاده ،وذلك من خلال المقارنة بين موت الأرض وحياتها بقدرة الله ،وبين موت الإنسان وإحيائه بعد ذلك بقدرة الله ،فإن محيي الأرض هو محيي الإنسان{إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فإذا كان الله يملك القدرة المطلقة فلا يعجزه شيء ،في ما يخلق ،ولا في تدبيره ،ولا في تغييره بما يشاء .