{يا بُنَيَّ أَقِمِ الصّلاةَ} فإنها معراج روح المؤمن إلى الله ،وهي التي تعمِّق إحساس الإنسان بوجوده وبحضوره في كل حياته ،بالشعور بحضوره القوي في وعيه الفكري والروحي ،وهي التي تفسح المجال للعلاقة الحميمة أن تنفذ إلى قلب المؤمن في روحيته وعلاقته بربه .
والأمر بالمعروف
{وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فتلك هي مسؤولية الإنسان الذي يؤمن بالمعروف ويرفض المنكر من خلال رسالة الله ،فإن الإيمان والرفض ،لا يتحركان في معنى الانتماء كحالةٍ ذاتيةٍ تبقى في وعي الذات وممارستها ،بل كخطٍ رسوليٍّ يحوّل المؤمن إلى إنسانٍ رسوليٍّ في الدور ،وإن لم يكن كذلك في الصفة ،لأن هدف الأنبياء أن يحوّلوا المجتمع إلى رسلٍ تنفيذيين في امتداد الدعوة على مستوى تحريك الرسالة في طريق التطبيق ،وفي الرقابة الواعية على حركة المجتمع في هذا الاتجاه .
الصبر من عزم الأمور
{وَاصْبِرْ عَلَى مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاُْمُورِ} فليس الصبر مظهر ضعفٍ ولا حالة هروبٍ من الواقع ،ولا ابتعاداً عن مواجهة التحدي ،بل هو مظهر قوّةٍ في انتصار الإنسان على طبيعة الانفعال في مشاعره ،واهتزاز الاندفاع في خطواته ،وحركة الارتجال في مواقفه ،ليكون البديل عن ذلك عقلانيةً في التفكير ،واتّزاناً في الخطوات ،وتخطيطاً في المواقف ،ليحدّد طريقه على أساس الدراسة الواعية المنفتحة على كل آفاق الحاضر والمستقبل ،وليواجه التحديات الطاغية ،بالخطة الدقيقة المتوازنة الباحثة عن الوصول إلى الهدف من أقرب طريق .إنها العزيمة الثابتة القوية الصلبة التي تمنح الإنسان معنى الصلابة في شخصيته ،ليواجه الحياة من هذا الموقع .