{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} فهو الحقيقة الثابتة في عمق الوجود كله ،بكل ظواهره ومفرداته وتفاصيله ،لأن كل شيء مستند إليه ،وخاضعٌ لإرادته ،ومفتقر إليه ،وموجود به ،ما يجعل الأشياء بمنزلة الظل والصدى الذي لا قوام له بنفسه ،بينما يقوم اللهسبحانهبذاته .
ومن خلال ذلك ،نتعرف الحق في ربوبيته وألوهيته المطلقة ،وعبودية كل الموجودات له ،فلا شريك له ولا نظير ،ولا شبيه ولا وزير ،وهكذا تنطلق العقيدة بوحدانيته من موقع اكتشاف عظمته المطلقة في ذاته وصفاته .
{وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ} لأنه لا يملك من هذه الصفة التي يدّعونها له شيئاً ،لأن وجوده في كل شؤونه ،عين الفقر والحاجة إلى كل ما حوله من شروط الوجود المرتبطة بإرادة الله وحده ،فكيف يكون شريكاً لله ومعبوداً من دونه .
{وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ} وكل ما عداه حقير وصغير ،لأنه هو الذي يملك العلوّ والسموّ في ذاتية عليائه ،وهو الذي يملك الكبر في طبيعة وجوده .أما غيره ،فإن علوّه محدود طارىء ،وكبره عارض زائل ،وهما مستمدّان من العناصر المودعة في وجوده التي أعطته ذلك كله .