{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} وهي قرى الشام التي أنعم الله عليها بالخصب والرخاء والماء والشجر ،{قُرًى ظَاهِرَةً} أي متواصلةً بحيث يظهر بعضها لبعض ،وكان متجرهمكما يقول صاحب مجمع البيان: «من أرض اليمن إلى الشام » ،وكانوا يبيتون بقريةٍ ويقيلون بأخرى حتى يرجعوا ،وكانوا لا يحتاجون إلى زادٍ من وادي سبأ إلى الشام{وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ} أي قسمنا السير فيها ،بحيث كانت مراحل السير متوازنةً ،فيصبح المسافر في واحدة منها ويمسي في أخرى في أجواء ملائمةٍ ،{سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ} لأن الأوضاع التي كانت تسود خط السير في كل القرى المتتابعة كانت طبيعيةً آمنةً ،بعيدةً عن أجواء النزاع والخلاف ،ما يجعل السائر فيها يشعر بالأمن والطمأنينة والاستقرار النفسي .
وهكذا كان وضع قوم سبأ في حلّهم وترحالهم ،في أمانٍ واطمئنان ،فلا يخشى أحدٌ منهم على نفسه ،ولا على ماله ،ولا يحتاج في سفره إلى أيّ جهدٍ .ولكنهم كفروا بنعمة الله ،ولم يشكروا له ،