{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} فقد مللنا من هذا الرخاء الذي لا يثير فينا جهداً ،ولا يكلفنا تعباً ،ولا يخلق لنا مشكلةً ،قالوها من موقع كفرهم بالنعمة ،وابتعادهم عن الله ،فلم يطلبوها بألسنتهم ،ولكن أعمالهم فرضت ذلك ،فكأنّ أعمالهم تنادي بذلك .وربما كان الأمر جارياً على سبيل الحقيقة ،فإن الناس قد يملّون من الرخاء فيطلبون الشدّة ،ولهذا طلبوا أن تكون طريقهم إلى الشام طريق فلاةٍ وصحراء ،يعانون فيها جهد السير وظمأ القلب وجوع الجسد ،{وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} بالابتعاد بها عن الطريق المستقيم الذي يوفر عليهم كل النتائج السلبية في الحياة{فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} تتناقلها الأجيال ،للعبرة أو للتسلية ،{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} أي فرقناهم في كل البلاد ،{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ} أي دلالات{لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} ليعرف كيف ينقذ الصبر والشكر صاحبه من الهلاك .