يذكر تعالى ما كانوا فيه من الغبطة والنعمة ، والعيش الهني الرغيد ، والبلاد الرخية ، والأماكن الآمنة ، والقرى المتواصلة المتقاربة ، بعضها من بعض ، مع كثرة أشجارها وزروعها وثمارها ، بحيث إن مسافرهم لا يحتاج إلى حمل زاد ولا ماء ، بل حيث نزل وجد ماء وثمرا ، ويقيل في قرية ويبيت في أخرى ، بمقدار ما يحتاجون إليه في سيرهم; ولهذا قال تعالى:( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ) ، قال وهب بن منبه:هي قرى بصنعاء . وكذا قال أبو مالك .
وقال مجاهد ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، ومالك عن زيد بن أسلم ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، وابن زيد وغيرهم:يعني:قرى الشام . يعنون أنهم كانوا يسيرون من اليمن إلى الشام في قرى ظاهرة متواصلة .
وقال العوفي ، عن ابن عباس:القرى التي باركنا فيها:بيت المقدس .
وقال العوفي ، عنه أيضا:هي قرى عربية بين المدينة والشام .
( قرى ظاهرة ) أي:بينة واضحة ، يعرفها المسافرون ، يقيلون في واحدة ، ويبيتون في أخرى; ولهذا قال:( وقدرنا فيها السير ) أي:جعلناها بحسب ما يحتاج المسافرون إليه ، ( سيروا فيها ليالي وأياما آمنين ) أي:الأمن حاصل لهم في سيرهم ليلا ونهارا .