{يَعْلَمُ مَا يَلْجُ فِي الأرْضِ} من كل مخلوقاته الدقيقة الحيّة ،من نباتٍ تختبىء حباته في زواياها وفي أعماقها ،ومن حشراتٍ وديدان وزواحف وهوامّ تتحرك في حفرها وأخاديدها وعروقها وخباياها وأعماقها ،ومن قطرات الماء التي تنفذ إلى ترابها لتتحوَّلفي تراكماتهاإلى بحار جوفيّة ،وإلى ينابيع متفجرة ،وغير ذلك مما ينفذ إليها من غازات وإشعاعات وعناصر خفية ،{وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من النبات الذي ينبثق من قلب الأرض ،والينبوع الذي يتفجر منها ،والحشرات الصغيرة ،والديدان الدقيقة ،والزواحف المخيفة ،وما إلى ذلك مما تنفتح عنه الأرض في ما خلّفه الله فيها من مكامن ،وما يسّره فيها من السبل التي تربط الظاهر بالباطن ،والسطح بالعمق .
{وَمَا يَنزلُ مِنَ السَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} من مطرٍ وشعاعٍ وهوامٍ وطيرٍ ،ومن ملائكةٍ تهبط وتصعد لتدبِّر ما أوكل الله إليها تدبيره ،ومن أرواحٍ تصعد إلى بارئها بعد أن أكملت حياتها في الأرض ،وأخرى تنزل من خلال إرادته التي تحركها في الأجساد لتنطلق الحياة ،ومن قطرات الماء التي تتصاعد لتكون بخاراً فيكون ماءً بإذن الله ..وهكذا يحيط علمه بكل شيء مما دقّ وخفي مما لا يحصيه عدّ ،ولا يحيط به فكر ،لأنه الخالق لذلك كله ،فكيف يخفى عنه شيء منه{أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [ الملك:14] .
{وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} الذي يطَّلع على أعمال عباده ،في ما يخطئون ويتمرّدون وينحرفون ،فيطلّ عليهم من مواقع رحمته التي تعرف خفاياهم وظروفهم وأوضاعهم التي تثير فيهم نوازع الخطيئة ،وتقودهم إلى مواضع الانحراف ،فيغفر لهم ذنوبهم ،ليمنحهم الفرصة للرجوع إليه .