{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ} وعندما رأى المستكبرون أن حراجة الموقف ودقّته يفرضان عليهم الجواب ،وقد كانوا في الدنيا لا يعبأون بالمستضعفين ،ولا يسمحون لهم بالمناقشة ،ولا يردون عليهم السلام والكلام ،ولكن المسألة الآن تختلف عن السابق ،لأن الجميع يقفون في مستوى واحدٍ أمام المسؤولية بين يدي الله ،فلا فرق بين كبير وصغير ،الأمر الذي يجعل المستكبرين يخافون من تحمّلهم مسؤولية إضلال هؤلاء ،ما يزيد عذابهم فوق ما يستحقونه من العذاب ..وهكذا أطلقوا الرد عليهم بقوّة ،كما لو كانوا يتكلمون معهم في الدنيا{أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ} فما هي علاقتنا بذلك ،فإذا كان ثمّة ضغوطٌ منا على أجسادكم ،فهل كنا نضغط على عقولكم وقلوبكم ،ونسيطر على قناعتكم ،وهل يملك أحدٌ أن يضغط على عقل أحد ،أو يملك قلبه من دون إرادته ؟إنها إرادتكم التي اختارت هذا النهج في الكفر ،فليست المسألة أنكم كنتم خاضعين لضغوطنا ،{بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ} بما اخترتموه من الكفر والعصيان والضلال ،تماماً كما هي المسألة بما اخترناهنحنمن الإجرام في حق الله ،وحق أنفسنا .