{وَإِن يُكَذِّبُوكَ} يا محمد ،فلست أوّل الرسل الذين تكذبهم أممهم بسبب الرواسب المتعفّنة التي تكمن في العمق الّلاشعوري من شخصياتهم ،وبفعل الامتيازات الطبقية التي يخافون من الرسالات أن تحرمهم منها ،ولتبنّيهم الأفكار الخاطئة المتخلفة التي يحملونها في ذهنيتهم الجاهلة عن الرسالة والرسول ،فلا تنفعل بذلك انفعالاً ضاغطاً على موقفك الرسالي في حركة الدعوة{فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ} ولم يسقطوا ولم يتراجعوا ،بل تابعوا الرسالة بما تفرضه من مواقف وتحدّيات ،بعيداً عن النتائج السلبية ،لأنهم يعلمون أنَّ انطلاق الرسالة في مواجهة التيار الفكري والعملي للمجتمع الجاهلي ،يفرض التحديات والمواقف المضادّة ،ويتطلب الصبر والصمود والاستمرار في السير على الخط حتى يستنفدوا كل وسائلهم وأساليبهم وتجاربهم في تحريك كل الخطوط التي يملكونها ،إلى أن يأتي الله بأمره{وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} فهو الذي يحكم بين عباده ،فيجزي المحسن بإحسانه ،والمسيء بإساءته .