{إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ} هؤلاء الذين انفتحت قلوبهم على الوحي فأصغوا إليه بمسامع قلوبهم ،وأدركوا الحقيقة الكامنة في معناه ،وعاشوا مع الله في وجدانهم الفطري ،ومشاعرهم الروحية ،فاكتشفوا حقيقة وجوده ووحدانيته التي يدل عليها كل ما في داخلهم وما في الكون من آيات ،فخافوا منه ،وإن لم يشاهدوه بفعل ستار الغيب الذي يحجبه ،ولكنهم يعيشون الهدى الذي يدركون ملامح وجوده بالحس ،وإن لم يستطيعوا الوصول إلى الإحساس به بشكل مباشرٍ ،وهم بفضل هذه الروح العميقة الكامنة في شخصياتهم ،استطاعوا أن يصلوا إلى الإيمان بالذكر وخشية الرحمن بالغيب من خلال الإنذار ؛ويمكن الوصول من خلال ذلك إلى الدخول في كل التفاصيل الأخرى التي تمثل المفردات الفرعية للإيمان .{فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} لأنه يستحق البشرى بالمغفرة الإلهية على ما أخطأ فيه ،والأجر الكريم على ما عمله ،وذلك لاستقامته على الخط الإيماني الذي يتحرك فيه .