{إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} أي أن شأن الله أو طريقته في إيجاد الأشياء وتكوينها أن تتعلق إرادته بها فتوجد من دون حاجةٍ إلى أسبابٍ ومقدّماتٍ ،لأن إرادته لا تتخلف عن مراده ،وقد كان التعبير بإصدار الأمر له بالوجود على سبيل الكناية ،لا على نحو الحقيقة ،وهو ظاهر .
وقد جاء في نهج البلاغة: «يقول لمن أراد كونه: «كن فيكون » ،لا بصوتٍ يقرع ،ولا بنداءٍ يُسمع ،وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثَّله ،لم يكن من قبل ذلك كائناً ،ولو كان قديماً لكان إلهاً ثانياً » .
وفي موضع آخر منه: «يقول ولا يلفظ ،ويحفظ ولا يتحفّظ ،ويريد ولا يضمر » .
وفي كتاب الكافي بإسناده عن صفوان بن يحيى قال: «قلت لأبي الحسن عليه السلام: أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق ،قال: فقال: الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل ،وأمَّا من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك ،لأنه لا يروي ولا يهمّ ولا يتفكر ،وهذه الصفات منفيّة عنه ،وهي صفات الخلق .فإرادة الله الفعل لا غير ذلك ،يقول له: كن فيكون بلا لفظٍ ولا نطقٍ بلسان ولا همةٍ ولا تفكر ولا كيف لذلك ،كما أنه لا كيف له »