{رُدُّوهَا عَلَيَّ} أي الخيلعلى ما هو الظاهرفي عملية استعادةٍ للاستعراض ولكن بروحيّةٍ أخرى{فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} قيل في معناه أنه شرع يمسح بيده مسحاً بسوقها وأعناقها ويجعلها مسبّلةً في سبيل الله جزاء ما اشتغل بها عن الصلاة .
وقيل: المراد بمسح أعناق الخيل وسوقها ضربها بالسيف وقطعها ،والمسح القطع ،فهو غضب عليها في الله لما شغلته عن ذكره ،فأمر بردّها ثم ضرب بالسيف أعناقها وسوقها فقتلها جميعاً .
ويعلّق صاحب الميزان على هذا الوجه ،بأن «مثل هذا الفعل مما تتنزه ساحة الأنبياء عليهم السلام عن مثله ،فما ذنب الخيل لو شغله النظر إليها عن الصلاة حتى تؤاخذ بأشدّ المؤاخذة فتقتل تلك القتلة الفظيعة عن آخرها مع ما فيه من إتلاف المال المحترم »[ 1] .
ويذكر في موضع آخر أن الروايات التي تؤكد على هذه القصة بهذا الشكل تنتهي إلى كعب الأحبار ،بالإضافة إلى الإغراق في التفاصيل التي تدخل في دائرة الأعاجيب[ 2] .
أمّا تعليقنا على ذلك ،فإن الظاهر من الآية قد يؤكد فكرة ضرب أعناقها وسوقها ،لأن مسألة تسبيلها في سبيل الله لا يتوقف على «ردّها عليه » ،كما أنه لا يفسر مسح أعناقها وسوقها ،فإن من المتعارف مسح الخيل على نواصيها ،كما أن هذه الروايات تلتقي مع ظهور الآية في ردّ الفعل الذي قام به سليمان إزاء انشغاله بها عن الصلاة ،ما جعله يفكر بالخلاص منها بقتلها ،من غير ضرورةٍ لأن يكون ذلك على سبيل الانتقام منها ،أو إتلافها كمالٍ محترم لا يجوز إتلافه ،بل قد يكون ذلك بمثابة ضغطٍ على نفسه بغية إيلامها لأنها أحبّت الخيل وبهذه الطريقة ،مع ملاحظة أن ذلك حلالٌ في شريعته ،لأن الخيل كانت تذبح كالأنعام ،للطعام ،والله العالم .