هذا هو الفصل الأخير في السورة ،حيث يتمسك النبي( ص ) بالموقف الرسالي في خط التواضع النبويّ ،فيقدّم نفسه إلى الناس ،كما يريد الله ،في صورة النبي الذي لا يملك العلم الذاتي بالغيب الذي يعيش فيه الملأ الأعلى ،بل كل ما لديه هو من وحي الله الذي أنزله إليه ،فهو العلم الإلهي في آي القرآن الذي يريد لهم أن يدركوا عظمته ،ويفكروا فيه وينفتحوا عليه ،ويؤمنوا به ،ليعرفوا كيف يحصلون على السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة .
{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} وهو هذا القرآن الذي جاء بالفكر الذي يقود إلى المنهج العقلي القائم على التأمّل الفطري الوجداني ،وإلى المنهج التجريبي القائم على الاستقراء والبحث في مفردات الواقع للوصول إلى النتائج الفكرية من ذلك الموقع الذي ينطلق به الكلي من خلال الجزئي ،كما جاء بالشريعة السمحة التي تشتمل على النظام الكامل الشامل الذي يتسع لكل حاجات الإنسان وتطلّعاته في الحياة ،ويصل به إلى مواقع التقدم والتطوّر في مجالات المعرفة وحركة الواقع ،وهذا هو سرّ عظمة القرآن الذي وصفه الله بالنبأ العظيم الذي جهل هؤلاء قدره الكبير حين ابتعدوا عن التأمل والتعمق في أسراره ،