{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى اللَّهِ} الذي خلقه وأنعم عليه وسخر له كل شيء يحتاجه من أمور حياته ما يفرض عليه أن يشكره بالإيمان به وبالطاعة له ،ولكنه سار في اتجاهٍ آخر ،فقد افترى على الله كذباً ،فجعل له شركاء ،وتحدث عنه بما لم يقله ،{وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ} الذي أنزله الله على رسوله ،في ما ينبغي للناس أن يفعلوه أو يتركوه ،أو ينتهجوه في طريقة حياتهم وإقامة علاقاتهم ،فلم يفتحوا عقولهم عليه ليفكروا به ،ولم يصغوا إليه بأسماعهم ليستمعوا إليه ،بل رفضوه من دون وعيٍ ولا مناقشة ،لأنهم كانوا خاضعين لكبرياء الباطل المسيطر على عقولهم ،{إِذْ جَآءهُ} في كلام الرسول ...فهل هناك ظلمٌ أشدّ من هذا الظلم الذي يظلم به الإنسان نفسه وربه ،كما يظلم الحقيقة والحياة من حوله ،فإن خطورة الكذب ،في موقعها من معنى الظلم ،تأخذ حجمها بمقدار عظمة المكذوب عليه ،وقيمة الحق الذي ينكره ،ونوعية الأثر السلبي الذي يتركه على الحياة كلها من حوله ،ومن حول الناس .وهل هناك خطورة أكبر من أن يشارك الإنسان في إسقاط الإيمان من حسابات العقل والحياة ؟وهذا هو الذي يحدد مقدار العقوبة وطبيعتها عند الله الذي جعل النار هي الدار التي يسكنها الذين يكفرون من دون حجّةٍ ولا برهان .
{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ} الذين لم يكن الكفر لديهم حالة فكرٍ يقنع ،بل حالة عنادٍ يتمرّد ؟