{فَادْعُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} فهذا هو التعبير الحيّ عن الموقف الإيماني ،والشعور العميق بالحضور الإلهيّ الشامل الذي يستوعب الكون كله فيشرق فيه بنوره ،ويرعاه برحمته وقدرته وحكمته ،ويشرف على الإنسان في وجوده في ما يطّلع عليه من خفايا نفسه ،وأسرار حياته ،ويدبّر له كل شؤونه الماديّة والمعنوية ..بما يجعل كل حاجاته الخاصة والعامة خاضعةً لإرادته ،الأمر الذي يدفع الإنسان إلى الرجوع إليه في ذلك كله في ابتهالٍ خاشعٍ ،وإخلاصٍ عميق ،تعبيراً عن إخلاص الدين كله لله ،فإن الدعاء يمثل الارتباط الحيّ بالله في ما يوحي به من انفتاح الروح بحاجاتها ومشاعرها ،على الله ،ليكون ذلك التحدي العملي للكافرين الذين يتحركون بعيداً عن الله ،كما لو لم يكن الله موجوداً أو مهيمناً على الكون ،أو للمشركين الذين يستغرقون في عبادة غير الله ويغفلون عن عبادته