{فَلَمَّا جَآءهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا} في ما تتميز به الرسالة من مضمون الحق كعنوانٍ للفكر والمنهج والحركة والموقع ..لم يقابلوه بالتأمّل والحوار الناقد ؛بل قابلوه بالقوّة المتعسفة المعاندة المتوحشة ،و{قَالُواْ اقْتُلُواْ أَبْنَآءَ الَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ} فهذا هو المنطق الذي استخدمه فرعون في حكمه الطاغي قبل ولادة موسى ،اضطهاداً لبني إسرائيل ..وهو المنطق نفسه الذي واجه به موسى ومن آمن معه ،فقد أمر بقتل الأبناء ،لئلا يمتد الإيمان إلى الجيل القادم ،وليكون ذلك عقوبةً رادعةً للمؤمنين ليتراجعوا عن هذا الإيمان ،{وَاسْتَحْيُواْ نِسَآءهُمْ} لإِبقائهنَّ للخدمة ولغير ذلك من الأغراض الفاسدة ..وقد نلاحظفي هذا الموضوعأنَّ هؤلاء الطغاة لم يأمروا بقتل المؤمنين أنفسهم ،بل بقتل أولادهم في سبيل الضغط عليهم ،ما قد يوحي أن هناك مانعاً يمنع إجراءً كهذا ،وهو الإِجراء الطبيعي في مثل هذه الحالات .{وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ} فلن يستطيعوا بلوغ غاياتهم في ما يكيدون وفي ما يخططون ،لأنهم لا يتحركون من قضية حقٍّ وعدلٍ ،بل يتحركون من عقدة باطلٍ وظلمٍ ،لإِسقاط الحياة ،لا لتقويمها وإسعادها .