{وَقَالَ مُوسَى إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ} فليست قوّتي الذاتية هي التي أواجه بها هذا المنطق التهديدي الذي تستخدمونه ضدي بما تملكونه من قوّةٍ كبيرة ،بل إنني أستجير بقوّة الله منكم ،وأنا واثقٌ بأني سأحصل منها على ما أريد ،لأني لا أتحرك من موقع ذاتي ،بل من موقع رساليّ ،وهو موقعٌ يحقّق لي الشعور بالأمن منكم و{مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ} ولا يخاف نتائج عمله ،لاستغراقه في الأنانية والكبرياء اللتين تبعدانه عن التفكير في الواقع بموضوعية وفي النتائج بمسؤولية ،وتلك هي مشكلة الاستكبار التي تمنع الإنسان من الإيمان بيوم الحساب .
ومن خلال ما ذكرناه ،فإننا نلاحظ أن موسى لم يقل هذا الكلام من موقع ضعف ،بل حاول التأثير على نفسياتهم ومواقفهم عبر الإيحاء بأن الله الذي هو ربّه وربّهم يدعم موقفه ،ليبطل تأثير كلام فرعون في نفوسهم ،وليبعث الخوف في نفس فرعون بالذات ،كردٍّ على كلامه في مواجهة موقع موسى عندما قال:{وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} .