{وَمَا يَسْتَوِي الأعمَى وَالْبَصِيرُ} لأن العمى يمثل انغلاق الحسّ عن الحياة من حوله ،بينما يمثل البصر انفتاح الحسّ على المرئيات كلها ،وإذا كنا نعرف أن العمى في الحسّ قد يوحي بالعمى في العقل ،كما أن البصر الحسيّ يوحي بالبصر المعنوي ..فإن من الممكن أن نحرك هذين النموذجين في الإنسان المنفتح بالعلم على الواقع والفكر ،في مقابل الإنسان المنغلق بالجهل عن حقائق الحياة وأسرار الإيمان ،لنعرف بالبداهة أنهما لا يستويان .
{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} الذين يمثلون عنصر الخير والصلاح والتقوى ،الذي يبني للحياة قوّتها ،وللإِنسان روحيته وفاعليته في حركة الحقيقة ،{وَلاَ الْمُسِيءُ} الذي يسيء إلى نفسه بالكفر والمعصية ،وإلى الحياة بالانحراف والضلال ،وإلى الناس من حوله بالتعقيد والظلم والطغيان .{قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ}َ عندما لا تفرّقون بين هؤلاء لأنكم غارقون في انجذابكم إلى ظواهر الأشياء ،ما يجعلكم غافلين عن بواطنها وحقائقها ،ولكن هذه الغفلة لن تستمر أمام المصير الحاسم الذي تتكشف فيه كل غوامض الأمور .